مقدمة المترجم
- نقد وتمحيص أحاديث فضائل الزيارات في ضوء علم الرجال
- نقد وتمحيص دعاء «الزيارة الجامعة الكبيرة» سنداً ومتناً
- منشأ تعظيم القبور والغلوّ في الأموات وآثارها السيئة
- الأحاديث الواردة في النهي عن تعمير القبور والنهي عن الغلوّ
مقدمة المترجم
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله الأطهار وصحبه الأخيار الأبرار ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين، وبعد،
فلقد أدى انتشار كتاب «اُمرايِ هستي» (أي أمراء الكون) تأليف أحد الغلاة ويدعى آية الله العظمى السيد أبو الفضل النبوي، في قم/ايران، في الستينات من القرن الماضي (الميلادي)، الذي طرح فيه مؤلفه نظرية الولاية التكوينية المطلقة للنبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) والأئمة الاثني عشر عليهم السلام، أو المعصومين الأربعة عشر (لدى الشيعة الإمامية)، فاعتبر أن الله جعلهم أمراءَ العالَم ومدبري شؤونه ومقسمي أرزاق العباد والقَيِّمِين على شؤونهم... الخ، فنحا فيه منحىً غاية في الغلوّ والإفراط؛ إلى نهوض المرحوم الأستاذ «حيدر علي قلمداران القُمِّيّ» المجاهد بالقلم واللسان، والمدافع عن حريم التوحيد الناصع، إلى الرد عليه وتزييف دعاويه وبيان مخالفتها للقرآن والسنة وتعاليم الأئمة، فألف كتاباً كبيراً من خمسة مباحث (بالفارسية طبعاً) أسماه «راه نجات از شرِّ غلاة» (أي طريق النجاة من شر الغُلاة) ضمَّنه المباحث التالية:
1. «بحث در اختصاص علم غيب به خدا» بحث في اختصاص علم الغيب بالله.
2. «بحث در ولايت وحقيقت آن» أي بحث في الولاية وحقيقتها.
3. «بحث در شفاعت وحقيقت آن» أي البحث في الشفاعة وحقيقتها.
4. «بحث در باره غلاة» أي البحث حول الغلاة.
5. «بحث در باره زيارت» أي البحث حول زيارة المراقد.
ولكن، وكما كان مُتَوَقَّعاً، لم يتمكن من طبع كتابه ونشره، نظراً لما أوجده حراس الخرافات والغلو من عراقيل أمامه حالت دون تمكنه من طباعة الكتاب، فقسَّم تأليفه إلى عدة أقسام، ونضد كل قسم سراً في مطبعة مستقلة من مطابع المدن والبلدات المجاورة لمدينته قم، وأخرج نسخاً منها بصورة مضطربة، دون أن تتاح له إمكانية مراجعتها وتنقيحها فكثرت فيها الأخطاء المطبعية، وكان عدد النسخ محدوداً تم توزيعه بين الأصدقاء والمعارف وعدد قليل من الناس.
وكذلك استفاد المؤلف من فرصة الانفتاح في السنة الأولى من الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979م. فقام على عجل بطبع الفصلين الثالث والرابع (حول الشفاعة وحول الغلو والغلاة) في كتاب واحد وكانت الطبعة أيضاً مشوَّشة ومليئة بالأخطاء المطبعية.
ثم قام أصدقاء المؤلف الذين يشاطرونه أفكاره، بعد وفاته، بتنضيد جديد للمبحث الخامس من كتابه المذكور أي بحث زيارة المراقد ونشروه باسم «زيارت وزيارتنامه» (أي زيارة المراقد وأدعية الزيارات) وضمُّوا إليه فصلاً أخذوه من كتاب آخر له لتناسبه مع هذا الكتاب، وأتحفوني بنسخة منه، فقمتُ بترجمته وأسميته (بحث في زيارة المزارات وأدعية الزيارات) وهو الكتاب الحالي، ومما يجدر ذكره أن المرحوم قلمداران في هذا الكتاب وسائر مباحث الكتاب الأصلي (أي: راه نجات از شر غلاة) كان يكتب بأسلوب غاضب ومندفع ولم تخلُ بعض عباراته من شدة وحماس زائد، والكتابة مع العاطفة الملتهبة لها جانب إيجابي وآخر سلبي، أما الإيجابي فهو أن المؤلف ترك المجاملات وكان صريحاً قاطعاً بلا مواربة لم تأخذه في قول كلمة الحق لومة لائم، أما الجانب السلبي فهو أن الكتابة بهذا الدافع تكون عادة مشوشة وغير مرتَّبة حتى أنه لم يضع فصولاً لكتابه بل اكتفى بعناوين وسرد مباحثه تحتها سرداً لم يخلُ أحياناً من التكرار، هذا إضافةً إلى استخدامه أحياناً ألفاظاً غاضبة - كما يلاحظ القارئ - مما لا ينبغي أن تكون في كتاب علمي، فالكتاب العلمي يجب أن يُكْتَبَ بشكلٍ هادئ وعلى نحو مرتب ومنسق، وهذا ما قمت به في الترجمة فلم يقتصر عملي على مجرد الترجمة إلى العربية، بل حقَّقْتُ الكتاب ووثَّقْتُه وهذَّبْتُه وحذفتُ تكراراته وخرَّجْتُ بعض رواياته التي لم يذكر مصدرها، وأحياناً وسَّعتُ اقتباساته التي اختصرها فأوردتها في الترجمة كاملةً لما رأيت فيها من الفائدة، وترجمتُ للشخصيات الهامة المذكورة فيه، ورتَّبته على نحو منطقي بعناوين وضعتُ بعضها من عندي، ولم ألتزم فيه بالترجمة الحرفية بل تلقّفت المعنى الذي يريد إيصاله فعبَّرت عنه بألفاظٍ تناسب العربية حتى لا تكون الترجمة حرفية ركيكة وعسيرة على الفهم، والخلاصة سعيت في خدمة الكتاب وإظهاره بهذه الحلة القشيبة، أسأل الله تعالى أن يتقبل هذا العمل خالصاً لوجهه والحمد لله أولا وآخراً.
المترجم (سعد محمود رستم): 13/شوال/1428 هـ